وكالة أنباء الحوزة - وفيما يلي النص الكامل للبيان:
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمد لله ربّ العالمین والصلاة والسلام علی أشرف الأنبیاء والمرسلین محمّد وآله الطیّبین الطاهرین لاسیّما مولانا أمیرالمؤمنین علي بن أبي طالب ولعنة الله علی أعدائهم أجمعین في كلّ آن إلی قیام یوم الدین.
وبعد: إنّ اقامة شعائر الله تعالى واجبة بحكم القرآن الكریم حيث يقول: «وَمَنْ یُعَظِّمَ شعائِرَ اللّه فَإنَّها مِن تَقْوی القلوب» واقامة شعائر أهل البیت(علیهم الصلوة والسلام) لاسیّما ما یتعلّق بسيد الشهداء الإمام أبي عبدالله الحسین(صلوات الله وسلامه علیه) من أعظم شعائر الله وهي صلب الدین وبها قوامه وبقاؤه، وإن إحياء ذكر الامام الحسين(عليه الصلوة والسلام) وإقامة الشعائر الحسینیة تجسید للدین وتحكيم لقواعده وتخليد لأهدافه ولابدّ أن تقام مجالس عزاءه في كلّ وقت بمناسبة وأخری ولایمنعها مانع مهما كانت الظروف إلّا إذا وصلت حدّ التلف فعند ذلك لابدّ من حفظ النفس ما عدا في بعض الحالات التي لابدّ فيها حتى من التضحیة بالنفس لأجل الدین والعقيدة؛ فالدین الحنيف أهمّ من النفوس ولذلك نری الأئمّة(عليهم الصلوة والسلام) ضحّوا بأنفسهم الغالية من أجل الدین وبقاءه ووقفوا بوجه الظلم والطغیان حتّی قتلوا بالسمّ أحیاناً عدیدة والسیف حیناً آخراً.
وها هو سیّد الشهداء أبوعبدالله الحسین بن علي(علیهما الصلاة والسلام) المصداق البارز للتضحية بالنفس من أجل الدین فقد قدّم كلّ ما لدیه لله تعالی حتّی الطفل الرضیع وبذلك تمکّن من أن یكون سبباً لبقاء الإسلام حتّی قیل عن لسانه المبارك: -إن كان دین محمّد لم یستقم إلا بقتلي فیا سیوف خذیني- فأخذته السیوف علی شاطئ الفرات عطشاناً واستشهد مظلوماً ونال أعلى مراتب العزّ والشرف، كلّ ذلك لإحیاء الدين والصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكل القيم والإصلاح في أمّة جدّه(صلّی الله علیه وآله)، فحسینٌ كهذا لابدّ أن یذكر في كلّ وقت ولایُنسی في حين، وإقامة عزاءه وذكر مصائبه خير وسيلة لإحیاء ذكره وترويج أهدافه ومقاصده، وذكره یجعل الذاكر من عباد الله الصالحین ويوفّقه للإنتهاج بنهجه والمشي علی دربه والعمل من أجله، ويجعله یهیّئ نفسه لإقامة الحق وإماتة الباطل ونصرة المظلوم ومكافحة الظلم والظالمين بجرأة أكبر وعزیمة أقوى.
وها نحن على أعتاب شهر محرّم الحرام لهذا العام وقد أبتلینا وأبتلي العالم بأسره بهذا البلاء العظیم والوباء اللعين وكاد الوضع یتغیّر فمنّا من یقول لابدّ من عدم إقامة المجالس حفاظاً علی سلامة المجتمع ووو ولكنّنا نقول: هل من الممكن أنّ تعطّل مجالس الامام الحسین(عليه الصلوة والسلام)؟ كلّا ثم كلّا..، إنّنا في الوقت الذي نؤكد كلّ التأكيد على ضرورة الالتزام بالتوجیهات الصحیة التي یصدرها المعنيّون بالأمر -جزاهم الله خير الجزاء- ونهتمّ بها كلّ الاهتمام ونوصي الجميع بذلك، نقیم مجالس العزاء ولانتركها ولكن مع مراعاة التباعد الاجتماعي وحفظ الفواصل في الحضور والجلوس في المجالس وعدم التجمع إلا في الساحات والصالات المكشوفة أو المفتوحة بصورة وأخرى، ونقیم مراسم الإطعام في أواني سفریّة واستهلاكية فقط ونقدّمها إلی المؤمنین تبرّكاً وتیمّناً باسم الامام الحسین(عليه الصلوة والسلام) وأهل بیته وأصحابه، وكلّنا علی اطمئنان كامل ويقين تامّ بأنّ هذه المجالس هي أفضل أداة لجلب الخیر والبركة وأعظم مصدر للعطاء والطمأنينة وأقوى وسیلة للشفاء والصحة ولا تسبّب الابتلاء ولا البلاء.
والله تعالی هو الموفّق من وراء القصد وهو الذي یضمن الصحة والسلامة للمؤمنين فالله خيرٌ حافظاً وهو ارحم الراحمين، فالحفظ منه عزّ إسمه، والرعایة من أئمّة الهدی لاسیّما مولانا صاحب العصر والزمان(ارواحنا له الفداء)، فاعقل وتوكّل.
اللهمّ ارزقنا شفاعة الحسين يوم الورود وثبّت لنا قدم صدق عندك مع الحسين وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين(عليه السلام)..
مشهد المقدّسة – ٥/ذي الحجة الحرام/١٤٤١
محمدعلي الموسوي الشیرازي